موسوعة الشعر العامي في مصر دكتور يسري العزب

موسوعة الشعر العامي في مصر
دكتور يسري العزب

يوضح مؤلف الكتاب، الناقد د. يسري العزب، أن أبحاثه في هذه الدراسة، هي عصارة عمر من البحث والمتابعة والتنقيب والكشف والتشجيع، في أهم ظواهر الشعر العربي المعاصر في مصر، ألا وهي ظاهرة الشعر العامي «الذي حمل هموم الوطن وقضاياه وآماله، معبراً عنها في تشكيل جمالي متنوع ومتفرد».

ويحذر المؤلف من علامة الخطر التي تهدد مسيرة الشعر العامي الفذة والمنطلقة، وهي قصيدة النثر. ويضيف: «العامية اليوم من أقوى عوامل التقريب والتواصل وشد الأواصر في الجماعة العربية، التي تعرضت ــ على مدى القرن العشرين ــ لكل ما يهدد وحدتها ويدفعها إلى التمزق والتشتت، من هنا فإنني أتعامل مع الشعر العامي، باعتباره زاداً جمالياً، أياً كان الشكل الذي اختاره صاحبه».

ويرصد الباب الأول من الكتاب، رؤية عامة لجماليات الخارطة الشعرية العامية في مصر، بمختلف أجيالها، ليبدأ الباحث في الباب الثاني دراسات منفصلة لثلاثة عشر شاعراً، كتبوا بالعامية المصرية الكثير من النصوص التي قدمت الكثير من الإضافات للشعر في مصر.

وقد حاولت هذه الدراسة أن تتقصى النصوص الشعرية التي عرضتها للبحث، لتستخرج ما فيها من ملامح الإجادة، أو ملامح القصور، مؤكدة تميز هذه المواهب بين شعراء مصر، واستحقاقها للبحث المتأمل، حيث يندر بين نقادنا الكبار، وجود من يهتم بشعر العامية أو بشعرائها. وأشار الباحث لنهوض القصيدة الزجلية في العصر الحديث، في كل من مصر ولبنان، في النصف الأول من القرن العشرين، ومن رواد هذا الفن بيرم التونسي من مصر، وعمر الزعني من لبنان. ولقب الاثنان بشاعري الشعب. وحرص كلاهما على تجديد شكل القصيدة، وتحميل النص الشعري بالقضايا الوطنية، فتشابهت موضوعاتهما وأثرت في حركة الثورة التحريرية التي قام بها الشعبان المصري واللبناني. ويشدد العزب «على أن الخسارة التي يعانيها الأدب المصري بعد فؤاد حداد، فاقت جميع الخسارات التي عاناها الأدب برحيل صلاح عبدالصبور، أمل دنقل، نجيب سرور، حيث استكمل صاحب المسحراتي مسيرة بيرم، التي كانت علامة بارزة في الشعر الحديث، من ثورة ‬1919 إلى ثورة ‬1952. واعتبر المؤلف أن إدخال فؤاد للتاريخ كعنصر فني في تشكيل التجربة الشعرية العامية. وذلك بإسقاط شخصية تراثية عظيمة في قصيده بعنوان عمر بن الخطاب بشكل يعيه الجمهور، أكثر من الكتب والسير، أعاد للمتلقي الفقير إنسانيته الضائعة، حيث ذكره بالتراث العربي لأمتنا، ببساطة لغوية».

وقد اعتنى الباحث في تحليلاته بالتأكيد أن شعر العامية في مصر «إنما هو شعر فصيح وإن خلا من الإعراب، وذلك لأن عامية شعرائنا إن لم تكن عاميتنا المصرية كلها، هي ابنة شرعية للغتنا العربية الفصحى، لا تصل الاختلافات بينهما في الأصوات وبناء الجملة إلى حد التناقض. وقد سبق أن أكدت ذلك في كتابي «الأدب الشعبي». وفي الكثير من الندوات والمؤتمرات التي أسهمت فيها على مدى يزيد على عقود ثلاثة خلت. إن العامية المصرية خاصة عند شعرائها المعاصرين، ومنهم من وقفت دراستنا أمام قصائدهم، قد بلغت من الرقي في الاستخدام الشعري، ما يجعلها أقرب إلى الفصاحة من قصائد كثيرة لشعراء ينسبون إلى من يكتبون الفصحى، وما أبعد لغتهم عنها!».

ويخصص المؤلف الباب الثالث لتأمل نقدي في الشعر العامي الذي كتبته كوكبة من بنات مصر الموهوبات، اللواتي يمثلن ثلاث محافظات من مصر، فمن الإسكندرية «زينات القليوبي، نجوى السيد، إيمان يوسف، وداد الهواري». ومن القاهرة «ليلى محمد علي، أمل عامر، فاطمة الحنفى، منى عوض، وفاء أمين، نجاة خليل»، ومن الدقهلية «بشرى الورداني». وقد تناول الباحث ديواناً أو أكثر لكل شاعرة منهن. وسعى الباحث في هذا الباب لاستقصاء أهم ما تتميز به هذه المواهب النسائية الشعرية، من حيث ما تحمله قصائدهن من معطيات دلالية، وما تحمله لغتها من آليات بلاغية مكنتها من حل هذه الدلالات، وتقديمها في بنيات تشكيلية، تختلف في صياغتها، كل شاعرة عن غيرها. ويقول المؤلف هنا: «لعل الحس الشعبي هو أهم ما يميز شعر المصريات العامي، بحيث تبدو النصوص في مجملها، مع اختلاف في التفاصيل، تعبيراً عن روح الانتماء الحميم للوطن، وتشكيلاً فنياً لحب عميق متعدد الألوان، لإحياء الوطن وأشيائه، وهو ما تميزت به شخصية بنت البلد في التاريخ السياسي والاجتماعي لمصر، وهو ما دفع إلى اختيار هذا العنوان للبحث، وإذا كانت «بنت البلد» قد منحت الوطن الكثير من الأبطال والمجاهدين والشهداء، ولم يكن أمامها فرص للبوح عما عانته من مشاعر وعواطف وأفكار، اللهم إلا في بعض الأشكال الشعبية الأدبية كالحدوتة والمثل الشعبي، والعدودة، وأغنيات الزرع والحصاد والأعراس والطفولة، فإن «بنت البلد» المعاصرة نجحت في أن تعبر عن مشاعرها ورؤاها، في شعر العامية المعاصرة، إلى حد التميز، الذي مكن بعضهن من الحصول على جوائز أدبية متقدمة، في مسابقات كثيرة...».

الكتاب: موسوعة الشعر العامي في مصر

تأليف: يسري العزب

الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة القاهرة ‬2010

الصفحات: ‬312 صفحة

القطع: المتوسط